## الموازنة البريطانية تحت ضغوط متصاعدة: صراع الأولويات بين الأمن القومي والقيود المالية
تواجه الموازنة
البريطانية ضغوطًا متزايدة في ظل تصاعد المطالبات بزيادة الإنفاق الدفاعي، وهو مايضع الحكومة أمام معضلة حقيقية تتمثل في الموازنة بين متطلبات الأمن القومي
المتزايدة، والقيود المالية الصارمة التي تعاني منها البلاد. يأتي هذا في سياق
عالمي مضطرب يشهد توترات جيوسياسية متصاعدة، وحربًا مستمرة في أوكرانيا، وتحديات أمنية متنامية تفرض على بريطانيا إعادة تقييم أولوياتها الدفاعية والاستراتيجية.
![]() |
## الموازنة البريطانية تحت ضغوط متصاعدة: صراع الأولويات بين الأمن القومي والقيود المالية |
وفي خضم هذا المشهد المعقد، يبرز رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، كلاعب رئيسي يسعى إلى مراجعة السياسة الدفاعية لبريطانيا في ضوء التطورات الأخيرة، مدفوعًا بضغوط من الولايات المتحدة وأوكرانيا، ومخاوف متزايدة بشأن دور بريطانيا في حلف شمال الأطلسي (الناتو).
وتأتي خطط ستارمر في وقت تتصاعد فيه الخلافات الداخلية في حزب العمال حول حجم
الزيادة المطلوبة في الإنفاق الدفاعي، حيث تبدو وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، مترددة
في الالتزام بزيادات كبيرة بسبب المخاوف المتعلقة بالموازنة العامة.
**الخلفية الجيوسياسية تحولات في التحالفات وتحديات جديدة**
تأتي هذه التطورات في
سياق تحولات جيوسياسية كبيرة، حيث تضغط الولايات المتحدة على أوكرانيا للتوصل إلى
اتفاق سلام مع روسيا، وهو ما يثير مخاوف بشأن مستقبل الأمن الأوروبي، ودور
بريطانيا في دعم أوكرانيا في مواجهة العدوان الروسي. ويعكس تصريح مستشار الرئيس
الأمريكي لشؤون أوكرانيا، كيث كيلوج، باستبعاد الحلفاء الأوروبيين من محادثات
السلام، الاختلافات في مقاربة الولايات المتحدة للحل السلمي للأزمة الأوكرانية
مقارنة مع الأوروبيين الذين يصرون على دورهم المركزي في أي اتفاق.
- وفي الوقت نفسه، تعكس دعوة الرئيس الأوكراني زيلينسكي
- إلى إنشاء جيش أوروبي مخاوفه من الانحياز الأميركي للجانب الروسي
- وتأكيده على أهمية المشاركة الأوروبية في المحادثات.
- ومن الناحية الدفاعية، تعكس تحركات بريطانيا
- في دعم زيادة الإنفاق الدفاعي والتزامها بمضاعفة الجهود
- مع حلفائها في مجموعة السبع لدفع روسيا نحو مفاوضات سلام
- استعدادًا لتوفير الدعم العسكري والاقتصادي المستمر لأوكرانيا
- مع تأكيد ضرورة ضمان سيادتها واستقلالها.
**صراع الأولويات الداخلية الأمن القومي أم الاستقرار المالي؟**
يثير عدم اليقين في شأن
أهداف الإنفاق الدفاعي لحزب العمال التوتر بين الطموحات السياسية والقيود المالية.
فبينما يعد الهدف المتمثل في زيادة الإنفاق الدفاعي إلى 2.5 في المئة من الناتج
المحلي الإجمالي أمرًا بالغ الأهمية لضمان الأمن القومي، بخاصة في ضوء التوترات الجيوسياسية
المتزايدة، فإن تردد وزارة الخزانة البريطانية في الالتزام بزيادة كبيرة يعكس
المخاوف الأوسع حول الموازنة والمالية العامة في بريطانيا.
- وفي حال الوصول إلى الهدف البالغ 2.65 في المئة
- مما يعني إضافة 10 مليارات جنيه إسترليني (12.5 مليار دولار)
- إلى موازنة وزارة الدفاع، فإن ذلك سيضع ضغطًا إضافيًا
- على مجالات أخرى من الإنفاق الحكومي.
- وستكون المراجعة القادمة للإنفاق لحظة حاسمة
- في موازنة هذه الأولويات، إذ يتعين على الحكومة
- تقييم ما إذا كانت تستطيع تحمل هذه الزيادات
- مع الاستمرار في
تلبية الحاجات المحلية العاجلة.
**الضغوط العسكرية والاستراتيجية الحاجة إلى تحديث القدرات الدفاعية**
يزداد قلق رؤساء
الخدمات العسكرية في شأن تقدم مراجعة الدفاع الاستراتيجية التي من المقرر نشرها في
منتصف هذا العام، ويترأس المراجعة وزير الدفاع السابق والأمين العام لحلف شمال
الأطلسي (ناتو) اللورد روبرتسون من بورت إلين والجنرال المتقاعد السير ريتشارد
بارون. وتقول مصادر دفاعية إن فريق روبرتسون أجرى عديدًا من التعديلات على مخططه
الأصلي، وفي الأيام الأخيرة قدموا المسودة الرابعة. وأشار أحد المصادر إلى أن
المراجعة الآن مهددة بأن تصبح "فوضى"، مضيفًا "لم يُستشر رؤساء
الخدمات العسكرية بصورة جادة".
- وتعكس هذه المخاوف الحاجة الملحة إلى تحديث القدرات الدفاعية لبريطانيا
- وتعزيز جاهزيتها لمواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
- فالحرب في أوكرانيا كشفت عن نقاط ضعف في القدرات الدفاعية الأوروبية
- وأظهرت الحاجة إلى الاستثمار في التقنيات الحديثة
- وتعزيز
التعاون العسكري مع الحلفاء.
**الدور البريطاني في الناتو تعزيز القيادة والمساهمة الفعالة**
تأتي المطالبات بزيادة
الإنفاق الدفاعي في سياق الضغوط المتزايدة على الدول الأعضاء في الناتو للوفاء
بالتزاماتها المتعلقة بالإنفاق الدفاعي، والمساهمة بشكل فعال في تعزيز الأمن
الجماعي للحلف. وتعتبر بريطانيا من الدول الرائدة في الناتو، وتلعب دورًا حيويًا
في حفظ الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم.
- وتشير تصريحات رئيس الوزراء ستارمر
- إلى إدراكه لأهمية تعزيز دور أوروبا في الناتو
- وضمان قدرة الحلف على مواجهة التحديات الأمنية المتزايدة.
- ومن خلال زيادة الإنفاق الدفاعي، يمكن لبريطانيا
- أن تعزز قدراتها العسكرية، وتزيد من مساهمتها في عمليات الناتو
- وتؤكد
على التزامها بأمن حلفائها.
**المحادثات الدبلوماسية البحث عن حلول للأزمة الأوكرانية**
في موازاة الجهود
لتعزيز القدرات الدفاعية، تسعى بريطانيا إلى لعب دور فعال في الجهود الدبلوماسية
الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة الأوكرانية. وفي هذا السياق، من المقرر أن يبدأ
مستشار الأمن القومي للرئيس الأمريكي مايك والتز ووزير خارجيته ماركو روبيو
ومبعوثه إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف محادثات سلام مع المفاوضين الروس
والأوكرانيين في السعودية.
- وتدعم بريطانيا منح أوكرانيا "ضمانات أمنية قوية"
- والحفاظ على "حريتها وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها".
- ويؤكد وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي
- أن مستقبل أوكرانيا "مسألة وجودية" لأوروبا
- محذرًا من أن كلفة الفشل ستفوق
الحفاظ على الدعم المالي لكييف.
تحديات
وصراعات في طريق تحقيق التوازن**
تواجه الموازنة
البريطانية ضغوطًا متزايدة في ظل تصاعد المطالبات بزيادة الإنفاق الدفاعي، وهو ما
يضع الحكومة أمام معضلة حقيقية تتمثل في الموازنة بين متطلبات الأمن القومي
المتزايدة، والقيود المالية الصارمة التي تعاني منها البلاد. وفي ظل التحولات
الجيوسياسية الكبيرة، والضغوط العسكرية والاستراتيجية، والتحولات في التحالفات
الدولية، يصبح تحقيق هذا التوازن أمرًا بالغ الصعوبة.
الختام
ويتعين على الحكومة
البريطانية أن تتخذ قرارات صعبة بشأن الأولويات المالية، وأن تجد طرقًا مبتكرة
لتمويل الزيادات المطلوبة في الإنفاق الدفاعي، دون المساس بالخدمات العامة الأخرى،
أو تعريض الاستقرار المالي للبلاد للخطر. وفي الوقت نفسه، يجب على بريطانيا أن
تواصل لعب دور فعال في الجهود الدبلوماسية الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة
الأوكرانية، وتعزيز التعاون العسكري مع حلفائها في الناتو، والمساهمة بشكل فعال في
حفظ الأمن والاستقرار في أوروبا والعالم.